البابا شنودة.. الزواج الثاني.. و الدولة المدنية

كان الإسبوع الماضي هو موسم الهجوم علي البابا شنودة بعد قراره برفض تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الذي يلزم الكنيسة بإعطاء تصاريح زواج ثان للمسيحيين. الهجوم أتي هذه المرة من العلمانيين الذين يرون في قرار البابا شنودة انقلاباً علي الدولة المدنية وتدخلاً من هيئة دينية في الأمور المدنية و هو شيئاً قد يبدو حقيقياً اذا نظرنا للأمور بطريقة عامة
لكن الواقع مختلف عن ذلك تماماً.. فحقيقة الأمر أن في المشكلة المعروضة أمامنا أن الدولة هي التي تتدخل في شئون الكنيسة و ليس العكس و في الدول الأوروبية التي تطبق الدولة المدنية بمفهومها لا يستطيع قاضي أن يرغم الكنيسة الكاثوليكية بتزويج شخص تري الكنيسة أن ليس من حقه الزواج طبقاً لتعاليم الإنجيل


أين المشكلة اذن؟


المشكلة هي أن في هذه الدولة عملية الزواج هي عملية مدنية بحتة تقوم بها الدولة أما المراسم الدينية فهي اختيارية يقوم بها أتباع الأديان المختلفة لإطفاء الروحانية علي هذا الزواج. أما في مصر فمبدأ الزواج المدني غير متاح فالموظف المختص بتوثيق زواج المسيحيين هو الكاهن نفسه و مصلحة الشهر العقاري لا توثق إلا زواج الأجانب. و من هنا تأتي المشكلة لأن وفقاً لهذا النظام لا يستطيع المسيحي المطلق من الزواج إلا عن طريق الحصول علي تصريح من الكنيسة.. الشيء الذي أصبح من المستحيلات في ظل تمسك البابا شنودة بعدم اعطاء هذه التصاريح إلا لعلة الزنا. هذا الواقع يضعنا أمام معضلة دستورية فوجود شخص لا يستطيع الزواج متناقص مع المادة التاسعة من الدستور التي تنص علي أن الأسرة أساس المجتمع


الحل اذن ليس في ارغام البابا شنودة علي تنفيذ أحكام القضاء انما في خلق نظام يسمح بالزواج المدني تنظمه الدولة لا يفرق ما بين مسلمين و مسيحيين أو عزاب و مطلقين. رضوخ البابا شنودة لحكم الإدارية العليا ليس حلاً للمشكلة و لا يعد أكثر من "تلصيماً" لها

رسالة أخيرة للعلمانيين و الليبراليين.. ان كنتوا تؤمنون فعلاً بالدولة المدنية فطالبوا بالزواج المدني و كفوا عن هجومكم الساذج علي البابا و الكنيسة



صوت مصر
Voice Of Egypt