عادل نسيم المدير العام
رقم العضويه : 20 المشاركات : 5818 نقاط : 10283 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 21/12/2010
| موضوع: الحياة الليتورجية نيافة الأنبا موسى الإثنين يونيو 27, 2011 6:18 pm | |
| | |
معنى الكلمة : كلمة الليتورجيا يونانية الأصل وهى تنقسم إلى لفظين .. ليتوس (لاؤس) : وتعنى شعب ارجيا أو ارجون: وتعنى عمل فالليتورجيا تعنى العمل الجماعى واستخدمت فى العصر الاغريقى للممارسة الشعبية فى المحاكم والأسواق واختصت بنوع ما فى العمل العسكرى. وهناك نوعان للعمل الجماعى (الشعبى) :
أ. عمل جماعي قطيعي : وهو عمل تقوم به الجماعات ويتغيب فيه الدور الفردي وفيه الوجود للجماعة على حساب الوجود الفردي وهو أشبه بأي قطيع حيواني يعيش في جماعات.
ب. عمل جماعي فريقي : وهو عمل تقوم به الحماعات مع تمايز الدور الفردى وفيه يكون الوجود الفردى اساس وجود الجماعة. ومن نماذج هذا العمل الفريق.
1. فريق الكرة : وهو يتكون من أحد عشر لاعباً (شخصاً) وكل منهم له دوره الاساسى وهناك خطة تنسق بين هذه الادوار لتحقيق النصر وتحسب الغلبة للفريق كله وليس للاعب معين.
2. فريق الموسيقى : فى أى فرق موسيقية أو أوركسترا نرى عدداً كبيراً من الموسيقيين وتنوع فى الآلات وتنوع فى النغم ولكن الكل يعمل حسب قيادة مايستروا واحد ليخرج النغم متوافقاً وممتعاً.
3. فريق الأجراس : وهو نوع من فرق الموسيقى , والاجراس هى الآلة الوحيدة حيث يعزف كل عازف بجرسين وكل جرس له نغم يختلف عن الآخر ولكن فى النهاية يعطى الفريق موسيقى رائعة.
الكنيسة أخذت كلمة ليتورجيا وأطلقتها على حياتها, فأصبحت الكنيسة تعيش حياة ليتورجيا بمعنى أنها تعيش فى حياة جماعية يتمايز فيها دور ووجود الفرد, وهنا تصبح كلمة (فرد) غير سليمة ولكن يحل مكانها كلمة (عضو).
والحياة الليتورجيا تتكون من :
1. المنهج الليتورجى.
2. النظام الليتورجى.
3. المواهب الليتورجية.
1. المنهج الليتورجى: وهو القاعدة الفكرية الأساسية للحياة ويعتبر القوة الدافعة للطاقات الإنسانية (العقل-العاطفة-الإرادة) لتقبل هذا النظام فى الحياة ولذلك يحتاج المنهج إلى فهم وتقبل عقلي وقناعة فكرية.
2. النظام الليتورجى:
وهو مجموع الممارسات التى تمارسها الجماعة لتحقيق المنهج وهى تشكل القوة المساعدة للإرادة لتحقيق هذه الحياة. ووجود نظام يرفع عن الفرد (العضو) معاناة الممارسة أو اختلاق أساليب للممارسة قد تخرج بالشخص عن تحقيق الهدف, والنظام يحتاج للطاعة والقبول والاختبار.
3. المواهب الليتورجية:
وهى القوى الخارجة التى يهبها الله لتكميل الجماعة التى تعيش هذا المنهج, ومؤازرة الأعضاء التي تحيا في طاعة هذا النظام وهي مواهب الروح القدس وتنقسم إلى نوعين ..
- مواهب خدمة لخدمة الجماعة والأعضاء " وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً و البعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين ... لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح " (اف4: 11-12)
- مواهب كرازية مثل عمل المعجزات والقوات والآيات والألسن.
المنهج الليتورجى:
رأينا سابقاً قصد الله فى خلقه الانسان أنه خلق البشرية كلها فى وحدانية شخص آدم واستمر هذا القصد إلى أن تحقق في شخص الرب يسوع.
هكذا نرى أيضًا اهتمام الرب يسوع بأن نستوعب هذا المنهج فقد وضع لنا الرب أساس هذا المنهج وهو انكار الذات أو (الأنا المتفردة) كما سبق الحديث عنها.
فبداية الحياة مع المسيح أن ينكر الإنسان نفسه أولاً (مت16: 24) وبداية الحياة مع الآخر هي أيضًا إنكار الذات " اذا اراد أحد أن يكون أولاً فيكون اخر الكل و خادماً للكل " (مر9: 35)
" من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً ومن أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً " (مر10: 43-44)
هذه هي القاعدة الكيانية التى بها يتحقق المنهج الليتورجى أن نصير واحداً معاً فى الله. والسيد المسيح له المجد اظهر هذا المنهج الليتورجى في ثلاث مستويات :
- المستوى التعليمى وشرح أهمية الحياة معاً من خلال كلماته المباركة.
- مستوى الصلاة والطلبة العميقة من أجل ان يكون الجميع واحداً فيه وفى الآب كما يظهر بوضوح الحاحه على الآب فى صلاته (يو 17).
- المستوى السرائرى فى كيان الانسان والذى حققه المسيح فى سر تجسده وفدائه.
والكنيسة تشرح لنا هذا المنهج فى أروع تسبيحات , وأبلغ كلمات, وأرفع ادب, يمكن للحس الثقافى أن يتذوقه. مع نهار كل يوم تقول لنا فى ذكصولوجية باكر الآدام :
ما هو الحسن وما هو الحلو إلا اتفاق إخوة ساكنين معاً.
ومتوافقين بمحبة حقيقية وإنجيلية كمثل الرسل.
كالطيب الكائن على رأس المسيح النازل على اللحية إلى أسفل القدمين.
يمسح كل يوم الشيوخ والصبيان والفتيان والخدام.
هؤلاء اللذين الٌفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة مسبحين الله كل حين.
نلاحظ الآتى :
- كلمة ساكنين معاً : تعنى متحدين معاً
- كلمة متوافقين (افير سيمفونين) تعنى متوافقين مثل السيمفونية فى أروع نغم.
- كلمة طيب على رأس المسيح , فالجماعة المتحدة بمحبة بسرالإنجيل وحياة الرسل (الكنيسة) مثل طيب على رأس المسيح فأى فخر يكون لنا إذن حينما نكون أعضاء فى الكنيسة وأى مجد حينما نكون طيب على رأس المسيح هنا يتحقق كلمات سليمان : المرأة الفاضلة تاج لبعلها والكنيسة طيب على رأس المسيح.
غاية ما يتمناه الأنسان أن يسكب طيباً على قدمى المسيح مثلما نصلى فى تسبحة نصف الليل ... " أعطينى يارب ينابيع دموع كثيرة كما أعطيت منذ القديم للمرأة الخاطئة واجعلنى مستحقاً ان ابل قدميك اللتان اعتقتانى ... " هذا ما يرجوه الشخص (العضو) ولكن الكنيسة معاً طيب على رأس المسيح.
- كلمة الٌفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة : تبين لنا ان هذه الحياة الليتورجيا يحققها الروح القدس ولكن رهن ان نقتنع بها ونعيها , ونقبلها وفى أروع تشبيه تبين لنا الكنيسة عمل الروح فى تحقيق هذه الحياة مثل القيثارة التى تضم فى وحدتها أوتاراً كثيرة متباينة ومتمايزة فى كل شئ ولكنها متكاملة فى وحدة القيثارة وبهذه الجماعة (الكنيسة) يعزف الروح الحاذق أروع تسبيحات لله تخرج من القيثارة (الكنيسة) بيد الروح.
المنهج الليتورجى والجهاد الروحي :
يقول القديس يوحنا فم الذهب : " حينما يرانا الشيطان وحدنا ومنفصلين كل واحد عن الآخر يهاجمنا فبهذه الطريقة اغوى المرأة فى البدء اذا اقترب منها وهى وحدها , وبينما كان رجلها غائباً. إذ حينما يرانا وسط الجماعة ومتحدين فهو لا يجرؤ على مهاجمتنا فلهذا السبب نحن نتحد معاً فيصعب عليه مهاجمتنا "
القديس يوحنا يكشف لنا الطريق السليم للجهاد والغلبة وهو ان نعيش دائماً وسط الجماعة ونتحد معاً. فالشيطان يبدأ دائماً يفرق الجماعة ثم يضربهم واحد بعد الآخر. فالخطية قوية , وطرحت كثيرين جرحى , وكل قتلاها كانوا أقوياء فخير لنا ان نكون ضعاف داخل الجماعة من ان نكون أقوياء ومنفصلين لذلك يطلب القديس بولس بإلحاح : " فاطلب اليكم أنا الاسير في الرب ان تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها. بكل تواضع ووداعة و بطول اناة محتملين بعضكم بعضاً في المحبة مجتهدين ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام. جسد واحد و روح واحد كما دعيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد, ايمان واحد, معمودية واحدة, اله واب واحد للكل الذي على الكل و بالكل و في كلكم " (اف4: 1-6)
هذه القطعة الرائعة التى تضعها أمامنا الكنيسة كل يوم فى صلاة باكر تكشف لنا :
أ. كيف نحيا ليتورجيا : (تواضع - وداعة – طول أناة – احتمال – اجتهاد – سلام).
ب. معنى الحياة الليتورجية : (جسد واحد – روح واحد – رجاء واحد – ايمان واحد – معمودية واحدة).
ج. لماذا الحياة الليتورجية : (اله واب واحد للكل .. وفى كلكم).
صورة رائعة من العهد القديم :
في رؤية حزقيال النبى ص : 37 نرى عظام كثيرة جداً يابسة ومتفرقة ولكن اذا سمعت كلمة الله (المسيح المتجسد).
1. تتقارب العظام كل حسب مكانه فى الهيكل العظمى.
2. يكسوها العصب واللحم والجلد.
3. يأتى الروح ويسكن فتصير جيشاً عظيماً جداً جداً.
العظام اليابسة هي فرادتنا فنحن كل واحد فينا لا يزيد عن عظمة يابسة ملقاه فى البقعة (العالم). ولكن اذا سمعنا كلمة الله وقبلناها يبدأ عمل الله فى الكيان الإنساني، تتقارب البشرية معاً, ويكسوها العصب, وهو يرمز إلى الإيمان فكما ان العصب يربط بين كل عضو وبين الرأس هكذا الإيمان يربط بيننا كأعضاء وبين الرأس المسيح ولكن استمرار هذه العلاقة بيننا وبين الرأس رهن وجودنا وارتباطنا بالجسد.
واللحم أشارة إلى جسد المسيح الذى يكسونا فنصير منه, لحم من لحمه وعظم من عظامه وذلك فى سر المعمودية والافخارستيا ثم يأتى الجلد ويكسو الكيان كله والجلد أشارة إلى بر المسيح, والبر فى الكتاب المقدس دائماً يشبه بالثياب وبر المسيح هو المسيح ذاته " بل البسوا الرب يسوع المسيح " (رو13: 14)
" لبست البر فكساني " (أى29: 14) ويقول داود " كهنتك يلبسون البر " (مز132: 9). " تبتهج نفسي بالهي لانه قد البسني ثياب الخلاص كساني رداء البر مثل عريس" (اش61: 10)
وفى شخص آدم نرى انه حينما اراد أن يستر نفسه بعد سقوطه صنع لباساً من ورق الشجر وهذا رمز للبر الذاتى ولكن الله البسه لباساً من جلد أشارة إلى بر المسيح بالذبيحة.
وأخيراً يأتي الروح ليسكن هذا الهيكل الذى صرنا نحن أعضائه فنحيا معاً وننموا معاً " الذي فيه كل البناء مركباً معاً ينمو هيكلاً مقدساً في الرب الذي فيه أنتم أيضًا مبنيون معاً مسكناً لله في الروح " (اف2: 21-22) |
| |
|