لا يختلف اثنان على مكانة وقيمة الوالدين، ووجوب تقديم الحب والاحترام لهما، وخاصة في الشيخوخة. وتحتل الأم عادة مكانة كبيرة في قلوب أولادها لما وهبها الله من عاطفة جياشة تحنو بها عليهم وترعاهم، حيث تبدأ هذه العاطفة فعليا قبل الولادة. ومن الطبيعي جدا أن يبدأ الابن بالاستقلال تدريجيا عن والديه بعد عمر معين، وذلك لكي يكون مستعدا لتأسيس عائلته الخاصة، فهذه هي سنة الحياة.
لكن تحدث أحيانا ممارسات شاذة من قبل الأهل قد تعيق استقلالية الابن بعد الزواج، فنجد الأم تسعى بكل جهدها لكي تبقى في موقع المسئولية والعناية الكاملة بابنها، متناسية بهذا وجود الشريكة التي دخلت هذه العلاقة لتتسلم رعاية زوجها والاهتمام بشؤونه ولتشاركه حياته وقراراته. ويصعب على الأم تسليم هذه الشريكة دفة سفينة للعائلة الجديدة، وتكون حجتها دائما أنهم بحاجة للمعونة وذلك لقلة خبرتهم. وتظهر المشكلة فعليا عندما يتجاوب الابن مع رغبة والدته فيستمر في الاتكال عليها، وتسيير كافة أموره اليومية كما كان قبل الزواج.
نقرأ في (تكوين 2: 24) "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدا واحدا".. هذا يعني أن الله يريد أن يتفرغ الرجل لمسؤليته الجديدة، ويكتسب وزوجته مهارة إدارة العائلة، وهذا أيضا تأكيد من الله على قدسية العلاقة الزوجية وخصوصيتها، والتي تتميز بكونها علاقة بين شخصين فقط لا مجموعة من الأشخاص.
إن احترام الأم أمر واجب ولا بد منه، فالكتاب المقدس يقول: "أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض"، ولكن يحتاج الزوج أن يميز بين احترام الأم وإكرامها والاتكالية الكاملة عليها، خصوصا بعد الارتباط بزوجة استعدت أن تشاركه حياته بكل جوانبها.
وقد يحتاج الرجل بعض الوقت لكي يعتاد على الانفصال الصحي عن العائلة الكبيرة، بحيث يحافظ على التوازن بين استقلاليته كرب عائلة مسئول وكابن بار بوالدته، وهذا لا يأتي بين ليلة وضحتها ولكن بالتدريج المستمر لكي لا يترك هذا الانفصال الوجداني جروحا على كلا الطرفين سواء الأم أو الابن.
وليس أفضل من طلب المعونة من زوجتك لكي تساندك في مواقفك المتعددة، ولكي تساهم هي أيضا في دعمك النفسي وعدم التسبب في زيادة أحاسيس الغيرة لدى الأم. وتقديم المحبة والعطف اللازم لها، فهذا يساهم في تفهم الأم لاستقلالية العائلة الجديدة.
منقول......