موسى الأسود ونشأته الأولى :
قيل عن موسى أنه من إحدى
قبائل البربر وقيل أيضا أنه كان حبشياً وكان أولاً خادماً أو عبداً فى بيت
مسئول مصرى وبسبب حياتع الغير أخلاقية عامة ولكن بالأخص بسبب سرقاته
المستمره طرده سيده فصار قاطعأ للطريق ولصاً ومن المرجح أن موسى الأسود ولد
سنة 340 وكان موسى ولد سنة 340 وكان موسى ضخم الجثة قوى العضلات وشرساً
جداً فجمع حوله جماعة من اللصوص صاروا رعب المنطقة . وفى ذات مرة دبر موسى
جريمة شنعاء ولكن الخطة فسدت بسبب نباح كلب الحراسة الذى كان يحرس الغنم.
فأقسم موسى أن يقتل الراعى ولكى يصل إليه كان على موسى أن يسبح عبر النيل
والسيف بين أسنانه إلا أن الراعى إختبأ فى حفره وسط الرمال ولم يجده موسى
فانتقم بأن قتل أربعة خراف وربطهم سوياًوسحبهم ورأه عبر النهر ثم سلخ موسى
الخراف وطبخها وأكل أحسن مافيها وباع الجلد وأشترى بثمنه خمراً ثم سار فى
طريقه خمسين ميلاً حتى وصل إلى رفاقه، هكذا كان موسى !!.
موسى الأسود يأتى إلى وادى النطرون :
جاء
عن موسى أنه كان فى أكثر أوقاته يتطلع إلى الشمس ويخاطبها قائلاً :
أيتهاالشمس إن كنت أنت الإله فعرفينى ، ثم يقول : وانت أيها الإله الذى لا
اعرفه عرفنى ذاتك ، فسمع يوماً من يقول له : إن رهبان وادى النطرون يعرفون
الله ، فاذهب إليهم وهم يعرفونك فقام لوقته وتقلد سيفه وأتى الى البرية
فالتقى بالقديس إيسيذوروس القس الذى لما رٌآه خاف من منظره فطمأنه موسى
قائلا،إنه أتى اليهم ليعرفوه الإله ، فأتى به إلى القديس مكاريوس الكبير
الذى وعظه ولقنه الإيمان.
موسى الأسود يقدم توبته :
بالرغم
من شرور موسى وحياته السوداء أمام الجميع إلا أن الله الرحوم وجد فى قلب
موسى إستعداداً للحياة معه فكان من وقت سماعه عن آباء برية شهيت القديسين
وشده طهارة سيرتهم
وجاذبيتهم العجيبة للآخرين أنه ذهب إلى البرية وهناك التقى موسى بالقديس
إيسيذوروس الذى كلمه كثيراً بكلام الله وكلمه عن الدينونة والخلاص وكان
لكلمة الله الحية عملها داخل قلبه واستكملت فاعليتها داخل نفسه ، فكانت
دموعه مثل الماء الساقى وكان الندم الحار يجتاح نفسه ويقلق نومه ، وهكذا
كره حياته الشريرة وعزم على التخلص منها ، فقام الى القديس إيسيذورس ثانية
..
موسى الأسود يعترف بخطاياه وينال المعمودية :
كان موسى
يركع امام القديس إيسيذوروس ويعترف بصوت عال بعيوبه وجرائمه الماضية فى
تواضع كثير وبشكل يدعو إلى الشفقة ووسط دموع غزيرة ، فأخذه القديس إيسيذورس
الى حيث يقيم القديس مكاريوس الكبير الذى أخذ يعلمه ويرشده برفق ولين ثم
منحه صبغة المعمودية المقدسة واعترف علناً فى الكنيسة بجميع خطاياه وقبائحه
الماضية وكان القديس مكاريوس أثناء الأعتراف يرى لوحاً عليه كتابة سوداء ،
وكلما اعترف موسى بخطية مسحها ملاك الله حتى إذ إنتهى من الإعتراف وجد
اللوح أبيضاً..
موسى الأسود وعمل التوبة فيه :
عملت التوبة
عملهاالقوى فى موسى الأسود ، فقد نقلت عبداً كافراً قاتلاً زانيا سارقاً
وصيرته أباً ومعلماً ومعزياً وكاهناً وواضع قوانين للرهبان ومذكوراً على
المذبح فى الصلوات ..
موسى الأسود يسترشد بالقديس إيسيذورس :
إتخذ موسى لنفسه مرشدا روحيا عملاقا هو القديس إيسوذوروس قس الإسقيط وإليك بعض المواقف فى هذا الإرشاد:
1- بينما كان موسى مداوما على الصلاة والصوم والتأمل إذ بشيطان الخطية يعيد
الى ذاكرته العادات المرزولة القديمة ويزينها بعد أن إستنارت روحه وعادت
الى معرفة الله ولما أشتدت عليه وطأة الأفكار الشريرة مضى الى القديس
إيسوذوروس وأخبره بحرب الجسد الثائرة ضده فعزاه قائلا لا تحزن هكذا وأنت
مازلت فى بدء الصعوبات ولمدة طويلة سوف تأتى رياح التجارب وتقلق روحك فلا
تخف ولا تجزع ، وأنت إذا ثابرت على الصوم والسهر وإحتقار أباطيل هذا العالم
سوف تنتصر على شهوات الجسد ، فإستفاد موسى من كلام القديس إيسوذوروس ورجع
الى قلايته منفردا وممارسا أنواع كثيرة من إماتتة الجسد ولم يتناول سوى
القليل من الخبز مرة واحدة فقط فى اليوم كله مثابرا على الصلوات وعمل
اليدين.
2- لقد تزايد موسى جدا فى النسك وفى مقاتلته لذاته لدرجة كبيرة ولكن بالرغم
من هذه الإماتات والسهر وقهر الذات لم يمكنه من أن يلاشى من مخيلته تلك
الأشباح الدنسة ، بل كانت تزداد كلما إزداد هو فى محاربتها ، وربما كانت
تقشفاته هذه دون إذن مرشده الروحى لأنه لما ذهب اليه يشكو حاله قال له
ينبغى عليك الإعتدال فى كل شىء حتى فى أعمال الحياة النسكية ، كما قال له
أيضا يا ولدى كف عن محاربة الشياطين لأن الإنسان له حد فى قوته ولكن إذا لم
يرحمك الله ويعطيك الغلبة عليهم هو وحده فما تقدر عليهم أبدا ، إمض الآن
وسلم أمرك لله وإنسحق أمامه وداوم على الاتضاع وإنسحاق النفس فإذا نظر الله
الى صبرك وإتضاعك فإنه يرحمك ، فأجاب موسى: إنى أثق فى الله الذى وضعت فيه
كل رجائى أن أكون دائما ضد الشياطين ولا أبطل إثارة الحرب ضدهم حتى يرحلوا
عنى.
فلما رأى منه القديس إيسوذوروس هذا الإيمان حينئذ قال : وأنا أؤمن أيضا
بسيدى يسوع المسيح وبإسم يسوع المسيح من هذا الوقت فصاعدا سوف تبطل
الشياطين قتالها عنك وإستمر موسى يعمل كقول القديس إيسوذوروس مواظبا على
ذلك فأعطاه الله نعمة عظيمة وتواضعا وسكونا فإنحلت عنه قوة الأفكار ومن ذلك
الوقت عاش موسى فى سلام وإزداد حكمة.
3- قيل إن موسى قوتل بالزنى قتالا شديدا فى بعض الأوقات ، فقام ومضى الى
أنبا إيسوذوروس وشكا له حاله فقال له: إرجع الى قلايتك فقال له موسى : إنى
لا أستطيع يا معلم فصعد به الى سطح الكنيسة وقال له: أنظر الى الغرب فنظر
ورأى شياطين كثيرين متحفزين للحرب والقتال ثم قال له أنظر الى الشرق فنظر
ورأى ملائكة كثيرين يمجدون الله ، فقال له: أولئك الذين رأيتهم فى الغرب هو
محاربونا ، أما الذين رأيتهم فى الشرق فإنهم معاونونا ألا نتشجع ونتقو إذن
ما دام ملائكة الله يحاربون عنا ، فلما رآهم موسى فرح وسبح الله ورضع الى
قلايته دون فزع.
.
موسى الأسود أصبح قدوة لزملائه اللصوص:
قيل أن هاجمه
مرة وهو فى قلايته بالإسقيط أربعة لصوص فهزمهم وربطهم سويا وحملهم على ظهره
وتوجه الى الكنيسة حيث ألقاهم على الأرض قائلا للرهبان المندهشين: غير
مسموح لى بمضرة أى أحد فماذا أصنع بهؤلاء؟ وقيل أن اللصوص أنفسهم تابوا
وصاروا رهبانا..
موسى الأسود الرجل القوى:
لقد أطلق على
قديسنا الأنبا موسى الأسود بالقديس القوى وربما جاءت هذه الصفة لا لقوته فى
التوبة فحسب بل لقوته الجسدية أساسا حيث ذكر أن هذا القديس كان قويا فى
جسده وجبارا فى كل أعماله ، كما ذكر أيضا : وكان موسى الأسود طويل القامة
حاد النظرات ، شديد العضلات مفتول الساعدين. .
موسى الأسود يتعب نفسه فى عمله اليومى:
كان موسى يتعب نفسه جدا فى ضفر الخوص كل يوم. .
موسى الأسود يعيش فى قلاية منفردة:
ولكثرة
الزائرين إليه اشار عليه القديس مكاريوس الكبير بأن يبتعد عن المكان الذى
يعيش فيه الرهبان الى قلاية منفردة فى القفر وللحال أطاع موسى وإنفرد فى
قلايته وعاش فى وحدته مثابرا على الجهاد الروحى وتزايد فيه جدا..
موسى الأسود أبا لخمسمائة أخ:
جاء عن موسى الأسود أنه بعد زمن إجتمع لديه خمسمائة أخ فصار أبا لهم. .
موسى الأسود يرسل رسالة بليغة الى أنبا نومين:
ذكر أن القديس موسى الأسود أرسل رسالة بليغة الى أنبا نومين اليك نصها:
"إنى أفضل خلاصك بخوف الله قبل كل شىء طالبا أن يجعلك كاملا بمرضاته حتى لا
يكون تعبك باطلا بل يكون مقبولا من الله لتفرح .. لأننا نجد أن التاجر إذا
ربحت تجارته كثر سروره وكذلك الذى يتعلم صناعة ما إذا أتقنها كما ينبغى
يزداد فرحه متناسيا التعب الذى أصابه ، وذلك لأنه قد أتقن الصنعة التى رغب
فيها .. ومن تزوج إمرآة وكانت عفيفة صائنة لنفسها فمن شأنه أن يفرح قلبه ،
ومن نال شرف الجندية فمن شأنه أن يستهين بالموت فى حربه ضد أعداء ملكه وذلك
فى سبيل مرضاه سيده ، وكل واحد من أولئك الناس يفرح إذا ما أدرك الهدف
الذى تعب من أجله فإذا كان الأمر هكذا من شئون هذا العالم فكم وكم يكون فرح
النفس التى قد بدأت فى خدمة الله عندما تتم خدمتها حسب مرضاة الله؟
الحق أقول لك إن سرورها يكون عظيما ، لأنه فى ساعة خروجها من الدنيا تلقاها
أعمالها وتفرح لها الملائكة إذا أبصروها وقد أقبلت سالمة من سلاطين الظلمة
لأن النفس إذا خرجت من جسدها رافقتها الملائكة وحينئذ يلتقى بها أصحاب
الظلمة كلهم ويمنعونها عن المسير ملتمسين شيئا لهم فيها ، والملائكة وقتئذ
ليس من شأنهم أن يحاربوا عنها لكن أعمالها التى عملتها هى التى تحفظها
وتستر عليها منهم ، فإذا تمت غلبتها بأعمالها تفرح الملائكة حينئذ ويسبحون
الله معها حتى تلاقى الرب بسرور ، وفى تلك الساعة تنسى جميع ما إنتابها من
أتعاب فى هذا العالم.
فسبيلنا ايها الحبيب أن نبذل قصارى جهدنا ونحرص كل قوتنا فى هذا الزمان
القصير على ان نصلح أعمالنا وننقيها من الشرور عسانا نخلص بنعمة الله من
أيدى الشياطين المتحفزين للقائنا إذ أنهم يترصدون لنا ويفتشون أعمالنا إذ
كان لهم فينا شىء من أعمالهم لأنهم أشرار وليس فيهم رحمة ، فطوبى لكل نفس
لا يكون لهم فيها مكان فإنها تفرح فرحا عظيما".
.
موسى الأسود وفضائله:
ورد لقديسنا موسى الأسود العديد من الفضائل نتيجة لحياته القوية مع المسيح وإليك بعضا من فضائله:
أ) فاعلية صلاتة: لما عزم موسى على الإقامة فى الصخرة تعب ساهرا فقال فى
نفسه كيف يمكننى أن أجد مياها لحاجتى ههنا. فجاءه صوت يقول له: أدخل ولا
تهتم لشىء ، فدخل وفى أحد الأيام زاره قوم من الآباء ولم يكن له وقتئذ سوى
جرة ماء فقط فأعد عدسا يسيرا فلما نفذ الماء حزن موسى وصار يخرج ويدخل ثم
يخرج ويدخل هكذا وهو يصلى الى الله وإذ بسحابة ممطرة جاءت فوقه حيث كانت
الصخرة وسرعان ما تساقط المطر فإمتلأت أوعيته من الماء ، فقال له الآباء
لماذا كنت تدخل وتخرج فأجابهم وقال: كنت أصلى الى الله قائلا: إمك أنت الذى
جئت لى الى هذا المكان وليس عندى ماء ليشرب عبيدك وهكذا كنت أدخل وأخرج
مصليا الى الله حتى أرسل لنا الماء.
ب) خدمته للآخرين:
كانت المياه يصعب إحضارها الى القلالى ، إذ كان يلزم أن يسيروا مسافة كبيرة
وإستغل موسى هذه الفرصة وأخذ يدرب نفسه على أعمال المحبة ، فكان يخرج ليلا
ويطوف بقلالى الشيوخ ويأخذ جرارهم ويملأها بالماء ، فلما رأى الشيطان هذا
العمل لم يحتمله فتركه الى أتى فى بعض الأيام الى البئر ليملأ قليلا من
الماء وضربه ضربا موجعا حطم عظامه حتى وقع على الأرض مثل الميت وجاءه بعض
الإخوة فمحلوه ومضوا به الى الكنيسة وهناك أقام موسى ثلاثة أيام ثم رجعت
روحه اليه.
ج) تواضعه وإحتماله الإهانات:- أظهر موسى إتضاعا واضحا فى حياته وإليك بعض المواقف التى أظهرت لنا فضيلة التواضع كما يلى:
إنعقد مجلس وأرادوا أن يمتحنوا موسى فنهروه قائلين: لماذا يأتى هذا النوبى
هكذا ويجلس فى وسطنا؟! فلما سمع هذا الكلام سكت . وعند إنفضاض المجلس قالوا
له: يا أبانا لماذا لم تضطرب فأجابهم قائلا: الحق إنى إضطربت ولكنى لم
أتكلم شيئا وسأل بعض الإخوة أحد الشيوخ عن المعنى الذى قصده موسى بقوله:
الحق إنى إضطربت ولكنى لم أقل شيئا ، فأجاب الشيخ: إن كمال الراهب يكون فى
ناحيتين: الأولى سكون حواس الجسد والثانية سكون حواس النفس ، وإن سكون حواس
الجسد عندما يحتمل الإنسان الإهانة لأجل المسيح فلا يتكلم ولو إنه قد
يضطرب. أما سكون النفس فهو أن يهان الإنسان دون أن تضطرب نفسه أو يتسرب الى
قلبه الغضب.
أراد رئيس الأساقفة الأنبا ثاؤفيلس أن يمتحنه فقال للكهنة: إذا جاء موسى
الى المذبح فإطردوه لنسمع ماذا يقول ، فلما دخل إنتهروه وطردوه قائلين له
إخرج يا أسود الى خارج الكنيسة فخرج موسى وهو يقول : حسنا فعلوا بك يا
رمادى اللون يا أسود الجلد ، وحيث أنك لست بإنسان فلماذا تحضر مع الناس.
قيل أنه بعد رسامته قسا وقف موسى فى الكاتدرائية بملابسه البيضاء فقال له
البابا ثاؤفيلس : والآن يا أبا موسى لقد صار الرجل الأسود أبيضا ، إبتسم
موسى بحزن وأجاب: من الخارج فقك الله يعلم إنى من الداخل ما زلت أسود.
د) هروبه من المجد الباطل:
سمع حاكم المنطقة يوما بفضائل موسى وأراد أن يراه فإتخذ طريقه الى شيهيت
فعلم موسى (وكان متقدما فى السن) بهذه الزيارة ، ولكى يهرب من المجد الباطل
إختبأ وسط البوص فى المستنقع وفى طريقه تقابل مع الحاكم وحاشيته الكريمة
فقال له الحاكم: أيها الرجل العجوز هل يمكن أن تعلمنى أين توجد قلاية الأب
موسى؟ فرد عليه ، وماذا تريد إذن أن تسأله فهو رجل متقدم فى الأيام وغير
مستقيم. فسبب هذا الحديث قلقا للحاكم وإستمر فى طريقه وقرع باب الدير حيث
كان الإخوة ينتظرونه ، فقال لهم: يا أبائى لقد سمعت كلاما كثيرا عن الأب
موسى وجئت الى الصحراء لكى أراه وعلى مسافة من هذا المكان تقابلت عند
المستنقع مع رجل شيخ وسألته عن قلاية الأب موسى فرد على أن فى الذهاب اليه
مشقة كبيرة وهو رجل شيخ غير مستقيم ، وكان لهذه الكلمات وقع كبير فى نفوس
الجميع فأخذوا يصرخون ويحتجون بشده من ترى يكون هذا الشيخ الضعيف العقل
هكذا حتى يتكلم بهذه الطريقة عن الأب القديس المكرم فى كل شيهيت ، فقال
الزائر العظيم أنه شيخ ضئيل الجسم كان يلبس ملابس طويلة وبالية جدا ووجهه
أسمر من الشمس ، وله ذقن بيضاء طويلة ونصف رأسه خال من الشعر وعند ذلك
فهموا السر فقد كان الحاكم قد تقابل مع موسى نفسه وتصنع ذلك ووصف نفسه
بالكلمات المذكورة . فرجع الحاكم متأثرا جدا.
ه) عطفه على الخطاة وعدم إدانتهم:
عندما أخطأ أخ فى الإسقيط يوما فإنعقد مجلس لإدانته وأرسلوا فى طلب موسى
ليحضر فأبى وإمتنع عن الحضور ، فأتاه قس المنطقة وقال: إن الآباء ينتظرونك
ظن فقام وأخذ كيسا مثقوبا وملآه رملا وحمله على ظهره وجاء الى المجلس فلما
رآه الآباء قالوا له: ماهذا أيها الآب؟ فقال: هذه خطاياى وراء ظهرى تجرى
دون أن أبصرها وقد جئت اليوم لأدين غيرى على خطاياه فلما سمعوا ذلك غفروا
للأخ ولم يحزنوه فى شىء.
و) إخفاء تدبيره وحفظ وصية المسيح:
حدث مرة أن أعلن فى الإسقيط أن يصام أسبوع وتصادف وقتئذ أن زار موسى إخوة
مصريون فأصلح لهم طبيخا يسيرا ، فلما أبصر القاطنون بجواره الدخان إشتكوا
لخدام المذبح قائلين:هوذا موسى قد حل الوصية إذ أعد طبيخا ، فطمآنهم أولئك
قائلين: بمشيئة الرب يوم السبت سوف نكلمه ، فلما كان السبت وعلموا السبب
قالوا لموسى أمام المجمع : أيها الآب موسى : حقا لقد ضحيت بوصية الناس فى
سبيل إتمام وصية الله.
ز) زهده:
حدث أن قوما آتوا اليه من مصر وكان موضوعا على المائدة ثعبان مشوى ولما حان
وقت الغذاء وأراد الإخوة أن يأكلوا فهم موسى قائلا: لا تقربوا هذا يا
إخوتى فإنه وحش شرير ، فقالوا له: لماذا فعلت هكذا يا أبانا؟ فقال لهم: يا
إخوتى إن هذه النفس المسكينة إشتهت سمكا ففعلت هذا لكى ما أكسر شهوتها
الرديئة فتعجب الإخوة كثيرا ومجدوا الله الذى أعطى لموسى هذه النعمة
العظيمة. .
موسى الأسود إستشهد على أيدى البربر:
بينما
كان الإخوة جالسين بالقرب من موسى فى إحدى المناسبات قال لهم: سوف يقبل
البربر اليوم الى برية الإسقيط ، قفوا ، إهربوا فقالوا له: ألا تريد أنت
الهرب يا أبانا؟ أجابهم طوال هذه السنين وأنا أنتظر هذا اليوم لكى يتم قول
فادينا الذى قال:"الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون". قالوا نحن أيضا لا
نهرب ولكن نموت معك ، فأجاب وقال لهم هذا ليس من شأنى إنما رغبتكم ليهتم كل
إنسان بنفسه فى الموضع الذى يسكن فيه ، وكانوا سبعة إخوة وبعد برهة من
الزمن قال لهم: هوذا البربر يقتربون الى الباب ، فدخل البربر وقتلوهم ولكن
واحدا منهم كان خائفا ، هرب بين الحصير ورأى سبعة تيجان نازلة من السماء
توجت السبعة الذين ذبحوا.
وذكر أن القديس إستشهد سنة 400م كما ذكر أنه إستشهد سنة 405م.
وكما روى بلاديوس أن القديس موسى الأسود عاش 65 عاماً.
ويوجد جسد القديس موسى الأسود بجوار جسد معلمه القديس إيسيذورس القس فى مقصورة واحدة بديرهما العامر البرموس.
وكنيستنا القبطية الأرثوذكسية عامة وديرنا البرموس خاصة يحتفلان بعيد
إستشهاد القديس موسى الأسود فى اليوم الرابع والعشرين من شهر بؤونة الموافق
أول يوليو من كل عام.
هذا وتذكره الكنائس الأخرى على النحو التالى :
(1) كنيسة الروم الأرثوذكس تذكره يوم 28 أغسطس .
(2) كنيسة الروم الكاثوليك تذكره يوم 28 أغسطس .
(3) الكنيسة الإنطاكية المارونية تذكره يوم 28 أغسطس .
(4) الكنيسة اللاتينية تذكره يوم 18 أغسطس ..