تقابل السيد المسيح أثناء كرازته مع إنسان ولد
أعمى، ولم يستطع هذا الإنسان أن يتمتع بنعمة البصر إلا بعد أن قابله السيد
وطلى بالطين عينيه، وأمره بالإغتسال فى بركة سلوام، مثالاً لكل البشر،
الذين فقدوا بصيرتهم الروحية وإستنارتهم السماوية، وكيف أنهم سينالون
الإستنارة من خلال المعمودية.
إن الله لم يترك نفسه بلا شاهد (أع 17:14) بل أعلن لنا نفسه فى القديم بواسطة رموز وصور متعددة مثل:
1- ملكى صادق (تك 14) :
ملك شاليم، الذى أضاء فى
وسط العهد القديم، بلمحة من ضياء كهنوت المسيح. وظهر بعد ذلك الكهنوت
اللاوى، حتى جاء المسيح كاهناً على رتبة ملكى صادق (مز 4:11)، ذلك الذى كان
مجرد رمز للسيد المسيح، ملك السلام، والبر، وقابل العشور، وذبيحة الخبز
والخمر.. الخ.
2- سلم يعقوب (تك 28) :
الذى رآه فى هروبه من وجه أخيه وكان رمزاً للسيدة العذراء حاملة المسيح (يو 51:1).
3- ظهور النور (الشاكيناه) :
ظهر على غطاء تابوت العهد بين الكاروبين ليعلن عن حضور الله وعن مشيئته، فالله هو النور، وساكن فى النور، وتسبحه ملائكة نور..
4- أخيراً جاء يوحنا المعمدان :
جاء كملاك يعد الطريق (مت 1:3).. ودعى السابق الصابغ والشهيد.
وفى
ملء الزمان كشف الله عن ذاته بطريقة باهرة، إذ انشقت السماء، وأعلن الآب
عن ذاته، منادياً الابن، وظهر الروح القدس فى شكل حمامة.
1- الإعلان الكامل :
أخيراً
أعلن الله ظهوره النورانى الكامل الذى مهدت له ومضات العهد القديم. وازداد
لمعان ذلك الظهور أثناء كرازة الرب العامة (يو 3:17)، وفى حادثة التجلى
(مر 19:12-26).
2- السماء المنشقة :
أ- انشقت السماء يوم عيد الظهور الإلهى، إيذانا بانتهاء عهد الظلال والرموز والظلام، وحلول وبدء عهد النور المكشوف
الواضح.
ب- لم تنغلق السماء منذ أن انشقت، بل ظلت مفتوحة للمؤمنين (أع 26:7)، (أع 11:10)، (2كو 12) فى رؤى للقديسين
بطرس وبولس.
ج- وإذ انشقت السماء نزل منها الروح القدس، ليحل على بنى البشر مصدراً للحياة، وأساساً للتعزية، يصاحب المؤمن طوال
غربته.
3- الشهادة السماوية :
أ- هذا هو إبنى الحبيب: هى شهادة البنوة التى أعلن بها الآب أبوته لإبنه الوحيد، ذاك الذى صار لنا به التبنى المواعيد (أف 5:1).
ب- الذى به سررت: بهذا أعلن الآب كمال مسرته بإبنه، أنه قد أصبح لله مسرة فى حياة أولاده المؤمنين به، "لذتى فى بنى آدم"
(أم 31:
.
وهنا
نتساءل: هل استنرت أنت يا أخى الشاب شخصياً فى حياتك؟ بل هل أضأت مصابيح
قلبك بزيت البهجة؟ كيف؟؟! هناك وسائل هامة للإستنارة مثل:
1- إستنارة المعمودية :
بدون المعمودية لا يمكن أن يستضئ قلب المؤمن، وبولس الرسول يقول عنها أنها الإستنارة (عب 4:6) التى لا تعاد. وهى حق لكل مؤمن.
2- إمتداد الإستنارة :
وما
أن ينال المؤمن قوة المعمودية، حتى ينطلق لممارسة كافة الأسرار الكنسية
المقدسة، كالميرون والإعتراف والتناول، بل أنه يواظب على وسائط النعمة
لزيادة إمتداد الإستنارة، بالإضافة إلى دراسته لكلمة الله وقراءاته
الروحية، وحضوره الإجتماعات الكنيسة.. هذه كلها وسائل إستنارة.
ملاحظات:
ويمكن للخادم أن يناقش بعض الموضوعات الأخرى مثل:
1- عمل الثالوث القدوس فى خلاصنا.
2- اتضاع المسيح وخضوعه للناموس سواء فى الختان أو المعمودية ليكمل كل بر.
3- أهمية المعمودية والقيم الروحية التى ننالها من ممارسة هذا السر، كما أنه يمكن أن يقرأ مع المخدومين بعض مقتطفات من
كتاب الخدمات الكنسية عن المعمودية.
4- يحسن أن ينبه الخادم إلى أن الميلاد الثانى بالمعمودية ليس هو التوبة وتغيير الفكر، كما تدعى بعض الطوائف، وإنما التوبة هى
إمتداد عمل المعمودية فينا، ولكن الولادة الثانية هى بالماء والروح.
فلنتأمل معاً فى بركات المعمودية التى نالها كل منا،
ويمكنا أن نجمع مواقف وآيات من الكتاب المقدس عن مواضع إعلان الله لذاته فى
العهدين، وأن طقوس المعمودية وعلاقتها بالنور مثل الملابس البيضاء، وإضاءة
الشموع حول المعمد فى الزفة التى تعمل بعد العماد.
بعض أقوال الآباء القديسين :
كيرلس الكبير: "تستنير نفوس المعتمدين بتسليم معرفة الله".
يوستينوس الشهيد: "وهذا الإغتسال يسمى تنويراً لأن الذين يتعلمون هذه الأمور يستنيرون فى أفهامهم".